اضطراب الوهن النفسي
تعريف الوهن النفسي :
هو حالة من الشعور الذاتي المستمر بالوهن النفسي العام ، الذي يصحبه أعراض عصبية وجسمية ، ومن أهم خصائصه الوهن النفسي والجسمي وشدة التعب والإعياء والفتور والإنهاك ، وقد يصل إلى درجة الإنهيار ، وهو يكاد يكون حالة من " التعب المزمن " . ويطلق عليه البعض أسم " الإنهيار العصبي " أو " الضعف النفسي " أو " الإعياء النفسي " أو " استجابة الضعف " أو " متلازمة التعب " أو " رد فعل الضعف Asthenic Reaction (18).
أسباب الوهن النفسي :
هناك كثير من الأسباب التي تشرح وتعلل لظهور أعراض هذا المرض ، ومن ذلك :
1 – الوراثة : ويدل على أهمية هذا العامل وجود أمراض نفسية مختلفة في أقارب وأسلاف المصابين بالمرض .
2 – التكوين الجسمي : هذا وقد لوحظ ظهور الوهن النفسي في الأشخاص ذوي التكوين الجسمي النحيف الواهن الذين يتصفون بشدة حساسية الجهاز العصبي .
3 – التسمم الذاتي :افترض كثير من الباحثين أن الجسم يفرز سموما لسبب أو لآخر . تسري فيه ، وتسبب المرض ، مما لم يثبت صحته حتى الآن .
4 – الإنهاك :ويقال كذلك أن الإرهاق والإجهاد من الأسباب المباشرة للمرض .
5 – الإيحاء والاستهواء :يرجع آخرون أسباب المرض إلى سهولة الاستهواء عند بعض المرضى ، فسرعان ما يؤمن المريض بما توحيه إليه نفسه ( أو غيره ) ، من أنه قليل الحيلة ، ضعيف الإمكانيات في كافة المجالات .
6 – الصراع النفسي : كثيرا ما يعتبر أن أسباب الوهن النفسي نفسية في جملتها وأهمها :
أ – الصراع النفسي ذو التاريخ الطويل نتيجة تضارب الرغبات والإقدام والإحجام في السلوك ، مما يسبب الإنهاك والضعف ، والإحباط المتكرر ، وعدم إشباع حاجات الفرد ، والفشل والحرمان ، واليأس ، والشعور بالنقص ، والتوتر النفسي والاضطرابات الإنفعالية العنيفة الطويلة والصدمات الإنفعالية ، والشعور بالعجز المفاجئ في حيل وأساليب الدفاع النفسي التي كان يعتمد عليها الشخص في مواجهة ضعفه ، وشعوره بالنقص ( كحيلة التعويض مثلا ) ، ووجود العدوان المكبوت ومحاولة مقاومته .
ب – النمو المضطرب للشخصية ، وعدم ضبط النفس ، وضعف الثقة في النفس ، وسهولة الإيحاء والاستهواء ، واعتقاد الفرد في قلة حيلته وضعف إمكانياته ، وعدم وجود خطة للحياة ، وعدم وضوح الأهداف والمثل والحياة الرتيبة ، ونقص الميول والاهتمامات .
ج – الاضطرابات الأسرية والانهيار الأسري ، وطرق التربية الخاطئة ( القسوة والحماية الزائدة – والتدليل .... إلخ ) ، وضعف الروح الاجتماعية ، والهروب من تحمل المسئوليات وعدم التعود عليها ، وسوء التوافق الاجتماعي ، ووجود اضطراب مماثل لدى أحد الوالدين أو الأفراد المهمين في حياة الفرد ، واكتساب وتعلم الأعراض منه ، خاصة في حالة وجود مكاسب ثانوية لهذا السلوك المرضي المكتسب .
د – العمل الشاق المرهق تحت الضغط المصحوب بالقلق ، والمجهود المجهد الذي يستنفد الطاقة العصبية ، ويعوق الاسترخاء ، ويحول دون الاستمتاع بالحياة .
هـ – الحضارة الحديثة وضغوطها الشديدة ، ومطالبها الكثيرة ، وضغط مشكلات الحياة والاتجاهات السالبة نحوها ،و عدم الاستعداد لمواجهتها والضغوط النفسية المتعلقة بالمنافسة والخضوع والإهانة والنبذ والعدوان والحروب ... إلخ .
أعراض الوهن النفسي :
1 – الأعراض الجسمية للوهن النفسي :
وتشمل : التعب الجسمي ، والعقلي المستمر ( بدون أساس عضوي ) ، والشعور بالضعف العام والإجهاد وتخاذل القوى والإعياء لأقل مجهود ، والخمول والكسل ، ونقص الحيوية والنشاط ، والضعف الصحي والعصبي والنفسي ، وبعض الآلام العامة غير المحددة ، والصداع والشعور بالضغط في الرأس ، وهبوط ضغط الدم والإحساس بضربات القلب ، وشحوب الوجه ، والتغيرات والاضطرابات الحشوية ، وضعف الشهية ، وعسر الهضم والإمساك ، والضعف الجنسي ( عند الرجال ) ، واضطراب العادة الشهرية ( عند النساء ) ، وآلام الظهر خاصة الألم القطني والعجزي ، والأرق ، واضطراب النوم ،و الأحلام المزعجة ، والتعب عند الاستيقاظ من النوم ، كل ذلك بدون مبرر .
2 – الأعراض النفسية للوهن النفسي :
وتشمل : القلق العابر المصحوب بالتوتر وعدم الاستقرار ، والشعور بالضيق والتبرم وتدهور الروح المعنوية ، والتشاؤم ، والشعور بالاحباط ، وضعف الطموح والشهور بالنقص والضعف والعجز ، وتشتت الانتباه ، وضعف القدرة على التركيز ، وضعف الذاكرة ، وعدم القدرة على مواصلة التفكير في موضوع معين ، والاستغراق في أحلام اليقظة ، والاكتئاب والهم ، والحساسية الانفعالية الزائدة ، والقابلية الشديدة للاستثارة ، وسرعة التهيج ، والغضب ، وعدم تحمل الضجيج ، والأصوات الشديدة والضوضاء العالية ، والثورة ، وضعف العزيمة والإرادة ، وفتور الهمة ، وضعف الحماس ، وعدم الرغبة في العمل ، وعدم القدرة على إتمام ما يبدؤه منه ، وعدم القدرة على تحمل المسئوليات ،و التردد وعدم القدرة على اتخاذ القرارات ، والهروب من مجابهة المشكلات وحلها ، والشك في الناس ، والسلبية ، والتمركز حول الذات ، وفتور النشاط الاجتماعي ، والاعتماد على الغير ، والتبرم بأوضاع الحياة ، وفقدان الاهتمام بها ، وسوء التوافق المهني ، والخواف ، وتوهم المرض .
تشخيص الوهن النفسي :
1 - يلاحظ أنه من النادر أن يظهر الوهن النفسي كعصاب مستقل ، ولكنه يظهر كإضافة أو عرض لمرض نفسي آخر ( كما في الفصام البيسط أو الاكتئاب ) ، وينبغي عدم الإكثار من الوسائل التشخيصية .
2 – يجب المفارقة بين الوهن النفسي وبين الاكتئاب ، فالوهن النفسي يكون مستمرا ، أو الشكوى الأساسية هي الأعراض الوظيفية ، والاكتئاب أحد هذه الأعراض ، ويناقش المريض أعراضه ويتحدث عنها
3 – يجب المفارقة بين الوهن النفسي والفصام المبكر ، ففي الفصام المبكر لا يهتم بالمحيط الخارجي ، ويستغرق في أحلام اليقظة ، وتظهر عنده الهذيانات والهلوسات .
4 – يجب المفارقة بين الوهن النفسي وبعض الاضطرابات العضوية الجسمية الأخرى ( مثل فقر الدم أو نفص الفيتاميات أو اضطراب الغدد الصماء واضطراب عمليات البناء والهدم في الجسم ) .
5 – ويجب المفارقة بين التعب الجسمي و التعب النفسي ( فالتعب الجسمي يحدث نتيجة الإجهاد في العمل وقضاء الساعات الطويلة تحت الضغط العقلي والعضلي ونقص النوم ، ومثل هذا التعب يزيله الراحة والنوم ، أما التعب النفسي العصابي فهو الذي يحدث في غيبة مثل هذه العوامل السابق ذكرها أو عندما يستمر رغم الراحة والنوم ) .
علاج الوهن النفسي :
من أهم التوصيات العلاجية للوهن النفسي ما يلي :
1 – العلاج الصحي العام ، والعلاج الطبي للأعراض العضوية الصريحة للوهن النفسي ، لدى المريض ، واستخدام المهدئات ، والمنومات ، واستخدام بعض المقويات ، مع الاهتمام بالراحة ، والنوم ، وتفيد التمرينات الرياضية مع زيادتها تدريجيا وحسب طاقة المريض ، والعلاج والتطبيب بالماء والحمامات .
2 – العلاج النفسي بالطريقة المناسبة لحالة الوهن النفسي :
وهو يساعد كثيرا في هذه الحالات مثل التحليل النفسي ، وعلاج الشرح والإقناع ، والعلاج التنفيسي مع توجيه الاهتمام إلى اكتشاف وإزالة كافة الأسباب ، مع الاهتمام بمفهوم الذات ، وتقبل الذات ، وتقوية وتأكيد وإعادة الثقة ، ومساعدة المريض على فهم نفسه ، ومعرفة إمكانياته ، وحل صراعاته ، وحل مشكلته النفسية ، مع الاهتمام بتنمية وتطوير شخصيته نحو النضج ، وتشجيع المريض على أن يقبل على معركة الحياة بقوة وليس بضعف .
3 – العلاج الاجتماعي ، والعلاج الأسري للوهن النفسي :
والتوافق الاجتماعي ، وتعديل الاتجاهات ، وتحسين الظروف الاجتماعية للمريض ، وإثارة الميول والاهتمامات لديه ، مع الاهتمام بالعلاج البيئي ، وتعديل البيئة المباشرة والمحيطة ، والاهتمام بالتوجيه المهني بغية تحقيق النجاح الحقيقي في العمل .
منقول من كتاب الامراض النفسية والعقلية
للمؤلف/ الدكتور أنور حمودة البنا