السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه بعض الفوائد من رسالة بعنوان :إعلام الحائر بحكم حلّ السّحر على يد الساحر.
لشيخنا العلامة: محمد بن عبد الله الإمام ـ حفظه الله ـ
الفائدة : 1
...مما يدلّ على تحريم إتيان السّحرة لحلّ السّحر عموم الأدلّة الدّالّة على تحريم السّحر ، فهي بعمومها تحرّم الإتيان إلى السّحرة ولو لفكّ السّحر.
قال جلّ في عُلاه " وما يُعلّمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر" ـ البقرة102
وقال تعالى " وما هم بضارّين به من أحد إلا بإذن الله"ـ البقرة102 ـ فقوله" من إحد إلا بإذن الله" دليل على عجز السّحرة ، وأنهم لا يقدرون على إصابة أحد بالسّحر إلا بتسليطهم عليه من قِبَل الله. وهكذا قلْ في إزالة السّحر عن أحد ، لا يقدرون على إزالته إلا بإذن الله، فإذا كانوا كذلك دلّ هذا على عدم الحاجة إلى الذهاب إليهم ، لأن الذهاب يكون إلى من يقدر على نفع الذاهب إليه.
فائدة:2
وقال تعالى في السّحرة "ويتعلّمون ما يضرّهم و لا ينفعهم" ـ البقرة102
قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ في فتح القدير1\121: فيه تصريح بأنّ السّحر لا يعود على صاحبه بفائدة، ولا يجلب إليه منفعة، بل هو ضرر محض، وخسران بحت.
قلت: إذا كان السحر ضرراً محضاً، فكيف يُذهب إلى السّحرة؟
وقال ابن عاشور في تفسيره عند هذه الآية1\645 :يعني ما يضرّ النّاس ضرّا آخر غير التفرقة بين المرء وزوجه، فضمير"يضرهم" عائد على غير ما عاد عليه ضمير" يتعلّمون". والمعنى: أن أمور السّحر لا يأتي منها إلا الضّرر(أي:في الدنيا)، فالساحر لا يستطيع سحر أحد ليصير ذكيّا بعد أن كان بليداً ، أو ليصير غنيّا بعد أن كان فقيرا ، وهذا زيادة تنبيه على سخافة عقول المشتغلين به.إنتهى.
قال الشنقيطي ـ رحمه الله ـ في أضواء البيان4_235:
إعلم أن قوله تعالى في الآية الكريمة[ولا يفلح الساحر حيث أتى] الآية ، يعمّ نفي جميع أنواع الفلاح عن الساحر ، وأكّد ذلك بالتعميم في الأمكنة بقوله [حيث أتى] ، وذلك دليل على كفره ، لأن الفلاح لا يُنفى بالكلّيّة نفياً عامّاً إلاّ عمن لا خير فيه ، وهو الكافر.
قال تعالى[فلمّا ألقوا قال موسى ما جئتم به السّحر إن الله سيُبطله إن الله لا يصلح عمل المفسدين]ـ يونس81ـ
قال ابن عاشور في تفسيره ـ11ـ256ـ: وإبطاله إظهار أنّه تخييل ليس بحقيقة ، لأن إظهار ذلك إبطالٌ لما أريد منه، أي : أن الله سيبطل تأثيره على الناس بفضح سرّه ، واشارت علامة الإستقبال إلى قرب إبطاله . وقد حصل ذلك العلم لموسى عليه السلام بطريق الوحي الخاص في تلك القضيّة ، أو العام باندراجه تحت قاعدة كلّيّة ، وهي مدلول[ إن الله لا يُصلح عمل المفسدين].
... والشاهد في هذا المقال ـ أي المقال السابق ـ قوله ـ أي ابن عاشور "أو العام باندراجه تحت قاعدة كلّيّة ، وهي مدلول [إن الله لا يصلح عمل المفسدين] ، فالذهاب إلى السّحرة لحلّ السّحر يُعدّ من الإصلاح الشرعي عند المُجيزين له، والآية الكريمة تنفي هذا الإصلاح ، وتنفي أن يصير الفساد صلاحاً ، وهذا يتضمّن ترك الذهاب إلى السّحرة لإزالة السّحر.
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ كما في فتاوى نور على الدرب ـ1 ـ387ـ :
لا يجوز التداوي من السّحرة والكَهَنة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن إتيان الكهنة والسحرة ، قال صلى الله عليه وسلم [ لا تأتوهم] ، وقال عليه الصلاة والسلام [من أتى عرّافا فسأله عن شيء لم تُقبل له صلاة أربعين ليلة ]ـ رواه مسلم في الصحيح ـ ،والعرّاف يُطلق على الكاهن والمنجّم والساحر والرّمّال وأشباههم .
فائدة 7:
وقال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ ـ رحمه الله ـ كما في فتاوى ورسائل ـ 1ـ 165ـ وهو يردّ على بعض قول الحنابلة ويجوّز الحلّ بسحر ضرورة : والقول الآخر أنه لا يحلّ، وهذا الثاني هو الصحيح ، وحقيقته أنّه يتقرّب الناشر والمنتشر إلى الشيطان بما يحبّ من ذبح شيء ، أو السجود له ، أو غير ذلك، فإذا فعل ذلك ساعد الشيطان وجاء إلى إخوانه الشياطين الذين عملوا ذلك العمل فيبطل عمله عن المسحور. وكلام الأصحاب هنا بيّن أنه حرام ولا يجوز إلا لضرورة فقط، ولكن هذا يحتاج إلى دليل، ولا دليل إلا كلام ابن المسيّب ، ومعنا حديث جابر رضي الله عنه في ذلك وقول ابن مسعود رضي الله عنه وقول الحسن"لا يحلّ السّحر إلا ساحر"، وهو لا يتوصّل إلى حلّه إلا بسحر، والسحر حرام وكفر ، أفيعمل الكفر لتحيا نفس مريضة أو مُصابة؟؟، مع ان الغالب في المسحور أنه يموت أو يختلّ عقله ، فالرسول منع وسدّ الباب ، ولم يفصل في عمل الشيطان ولا في المسحور .